وَمِنْهُم مَّنْ عَاهَدَ اللّهَ لَئِنْ آتَانَا مِن فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ (75) فَلَمَّا آتَاهُم مِّن فَضْلِهِ بَخِلُواْ بِهِ وَتَوَلَّواْ وَّهُم مُّعْرِضُونَ
النفس البشرية ضعيفة شحيحة , إلا من عصم اللّه ; ولا تطهر من هذا الشح إلا أن تعمر بالإيمان , وترتفع على ضرورات الأرض , وتنطلق من قيود الحرص على النفع القريب , لأنها تؤمل في خلف أعظم , وتؤمل في رضوان من اللّه أكبر . والقلب المؤمن يطمئن بالإيمان , فلا يخشى الفقر بسبب الإنفاق , لأنه يثق بأن ما عند الناس ينفد وما عند اللّه باق . وهذا الاطمئنان يدفع به إلى إنفاق المال في سبيل اللّه تطوعاً ورضى وتطهراً , وهو آمن مغبته . فحتى لو فقد المال وافتقر منه , فإن له عوضاً أعظم عند اللّه .
فأما حين يقفر القلب من الإيمان الصحيح , فالشح الفطري يهيج في نفسه كلما دعي إلى نفقة أو صدقة , والخوف من الفقر يتراءى له فيقعد به عن البذل . ثم يبقى سجين شحه وخوفه بلا أمن ولا قرار .
والذي يعاهد اللّه ثم يخلف العهد , والذي يكذب على اللّه فلا يفي بما وعد , لا يسلم قلبه من النفاق:
"آية المنافق ثلاث:إذا حدث كذب , وإذا وعد أخلف , وإذا ائتمن خان " .
فلا جرم يعقب إخلاف العهد والكذب على اللّه نفاقاً دائماً في قلوب تلك الطائفة التي تشير إليها الآية:
(فأعقبهم نفاقاً في قلوبهم إلى يوم يلقونه بما أخلفوا اللّه ما وعدوه وبما كانوا يكذبون). .
0 comments:
Post a Comment