لقد قضي الأمر , وانتهى الجدل , وسكت الحوار . . وهنا نرى على المسرح عجبا ونرى الشيطان . . هاتف الغواية , وحادي الغواة . . نراه الساعة يلبس مسوح الكهان , أومسوح الشيطان ! ويتشيطن على الضعفاء والمستكبرين سواء , بكلام ربما كان أقسى عليهم من العذاب:
(وقال الشيطان - لما قضي الأمر - إن الله وعدكم وعد الحق , ووعدتكم فأخلفتكم . وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي . فلا تلوموني ولوموا أنفسكم. ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي . إني كفرت بما أشركتمون من قبل . إن الظالمين لهم عذاب أليم .)
الله ! الله ! أما إن الشيطان حقا لشيطان ! وإن شخصيته لتبدو هنا على أتمها كما بدت شخصية الضعفاء وشخصية المستكبرين في هذا الحوار . .
إنه الشيطان الذي وسوس في الصدور , وأغرى بالعصيان , وزين الكفر , وصدهم عن استماع الدعوة . . هو هو الذي يقول لهم وهو يطعنهم طعنة أليمة نافذة , حيث لا يملكونأن يردوها عليه - وقد قضي الأمر - هو الذي يقول الآن , وبعد فوات الأوان:
(إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم !(
ثم يخزهم وخزة أخرى بتعييرهم بالاستجابة له , وليس له عليهم من سلطان , سوى أنهم تخلوا عن شخصياتهم , ونسوا ما بينهم وبين الشيطان من عداء قديم , فاستجابوا لدعوته الباطلة وتركوا دعوة الحق من الله:
(وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي ! )
ثم يؤنبهم , ويدعوهم لتأنيب أنفسهم . يؤنبهم على أن أطاعوه !:
(فلا تلوموني ولوموا أنفسكم)!
ثم يخلي بهم , وينفض يده منهم , وهو الذي وعدهم من قبل ومناهم , ووسوس لهم أن لا غالب لهم ; فأما الساعة فما هو بملبيهم إذا صرخوا , كما أنهم لن ينجدوه إذا صرخ:
(ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي). .
وما بيننا من صلة ولا ولاء !
ثم يبرأ من إشراكهم به ويكفر بهذا الإشراك:
(إني كفرت بما أشركتمون من قبل)!
ثم ينهي خطبته الشيطانية بالقاصمة يصبها على أوليائه:
(إن الظالمين لهم عذاب أليم)!
فيا للشيطان ! ويا لهم من وليهم الذي هتف بهم إلى الغواية فأطاعوه , ودعاهم الرسل إلى الله فكذبوهم وجحدوه !
0 comments:
Post a Comment