أفلا يتدبرون القرآن

أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها

يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ

ويدع الجاحدين المكذبين المستهترين في مشهد العذاب يغشاهم من فوقهم ومن تحت أرجلهم , ليلتفت إلى المؤمنين , الذين يفتنهم أولئك المكذبون عن دينهم , ويمنعونهم من عبادة ربهم . . يلتفت إليهم يدعوهم إلى الفرار بدينهم , والنجاة بعقيدتهم . في نداء حبيب وفي رعاية سابغة , وفي أسلوب يمس كل أوتار القلوب:

يا عبادي الذين آمنوا إن أرضي واسعة , فإياي فاعبدون . كل نفس ذائقة الموت ثم إلينا ترجعون . والذين آمنوا وعملوا الصالحات لنبوئنهم من الجنة غرفا تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها , نعم أجر العاملين , الذين صبروا وعلى ربهم يتوكلون . وكأي من دابة لا تحمل رزقها الله يرزقها وإياكم , وهو السميع العليم . . 

إن خالق هذه القلوب , الخبير بمداخلها , العليم بخفاياها , العارف بما يهجس فيهاوما يستكن في حناياها . . إن خالق هذه القلوب ليناديها هذا النداء الحبيب:ياعبادي الذين آمنوا:يناديها هكذا وهو يدعوها إلى الهجرة بدينها , لتحس منذ اللحظة الأولى بحقيقتها . بنسبتها إلى ربها وإضافتها إلى مولاها: (يا عبادي). .

هذه هي اللمسة الأولى . واللمسة الثانية: (إن أرضي واسعة). . 

أنتم عبادي . وهذه أرضي . وهي واسعة . فسيحة تسعكم . فما الذي يمسككم في مقامكم الضيق , الذي تفتنون فيه عن دينكم , ولا تملكون أن تعبدوا الله مولاكم ? غادروا هذا الضيق يا عبادي إلى أرضي الواسعة , ناجين بدينكم , أحرارا في عبادتكم (فإياي فاعبدون).

إن هاجس الأسى لمفارقة الوطن هو الهاجس الأول الذي يتحرك في النفس التي تدعى للهجرة . ومن هنا يمس قلوبهم بهاتين اللمستين:بالنداء الحبيب القريب: (ياعبادي(وبالسعة في الأرض: (إن أرضي واسعة)وما دامت كلها أرض الله , فأحب بقعة منها إذن هي التي يجدون فيها السعة لعبادة الله وحده دون سواه

0 comments: