أفلا يتدبرون القرآن

أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها

أعظم العقوبة أن لا يدري بالعقوبة‏.‏

اعلموا إخواني ومن يقبل نصيحتي‏.‏ 


أن للذنوب تأثيرات قبيحة مرارتها تزيد‏.‏ 

على حلاوتها أضعافاً مضاعفة‏.‏ 

والمجازي بالمرصاد لا يسبقه شيء ولا يفوته‏.‏ 

أو ليس يروى في التفسير‏.‏ 

أن كل واحد من أولاد يعقوب عليهم السلام - وكانوا اثني عشر - ولد له اثنا عشر ولداً إلا يوسف فإنه ولد له أحد عشر وجوزي بتلك الهمة فنقص ولداً‏.‏ 

فواأسفا لمضروب بالسياط ما يحس بالألم ولمثخن بالجراح وما عنده من نفسه خبر‏.‏ 

ولمتقلب في عقوبا ما يدري بها ولعمري أن أعظم العقوبة أن لا يدري بالعقوبة‏.‏ 

فواعجبا للمغالط نفسه يرضي نفسه بشهوة ثم يرضي ربه بطاعة ويقول حسنة وسيئة‏.‏ 

ويحك من كيسك تنفق ومن بضاعتك تهدم ووجه جاهك تشين‏.‏ 

رب جراحة قتلت ورب عثرة أهلكت ورب فارط لا يستدرك‏.‏ 

ويحك انتبه لنفسك ما الذي تنتظر بأوبتك وماذا تترقب بتوبتك المشيب فها هو ذا أوهن العظم وهل بعد رحيل الأهل والأولاد والأقارب إلا اللحاق‏.‏ 

قدر أن ما تؤمله من الدنيا قد حصل فكان ماذا ما هو عاجل فشغلك عاجلاً‏.‏ 

ثم آخر جرعة اللذة شرقة وإما أن تفارق محبوبتك أو يفارقك‏.‏ 

فيا لها جرعة مريرة تودع عندها أن لو لم تره‏.‏ 

آه لمحجوب العقل عن التأمل ولمصدود عن الورود وهو يرى المنهل أما في هذه القبور نذير أما في كرور الزمان زاجر‏.‏ 

نادهم في ناديهم‏.‏ 

هيهات صموا عن مناديهم‏.‏ 

فلو أن ما بهم الموت إنما هنيهة‏.‏ 

‏.‏ 

‏.‏ 

ثم القبور‏.‏ 

العمل حصل يا معدوماً بالأمس يا متلاشي الأشلاء في الغد‏.‏ 

بأي وجه تلقى ربك أيساوي ما تناله من الهوى لفظ عتاب‏.‏ 

بالله إن الرحمة بعد المعاتبة ربما لم تستوف قلع البغضة من صميم القلب‏.‏ 

فكيف إن أعقب العتاب عقاب وقد أخبرنا عبد الرحمن بن محمد القزاز قال‏:‏ أخبرنا أبو بكر الخطيب قال‏:‏ أخبرنا محمد بن الحسين المعدل قال‏:‏ أخبرنا أبو الفضل الزهري قال‏:‏ أخبرنا أحمد بن محمد الزعفراني قال‏:‏ حدثنا أبو العباس بن واصل المقرىء قال‏:‏ سمعت محمد بن عبد الرحمن الصيرفي قال‏:‏ رأى جار لنا يحيى بن أكثم بعد موته في منامه فقال‏:‏ ما فعل بك ربك فقال‏:‏ وقفت بين يديه فقال لي‏:‏ سوءة لك يا شيخ‏.‏ 

فقلت‏:‏ يا رب إن رسولك قال إنك لتستحي من أبناء الثمانين أن تعذبهم وأنا ابن ثمانين أسير الله في الأرض‏.‏ 

فقال لي‏:‏ صدق رسولي قد عفوت عنك‏.‏ 

وفي رواية أخرى عن محمد بن سلم الخواص قال‏:‏ رأيت يحيى بن أكثم في المنام فقلت‏:‏ ما والمقصود من هذا النظر بعين الاعتبار هل يفي هذا بدخول الجنة فضلاً عن لذات الدنيا‏.‏ 

فنسأل الله عز وجل أن ينبهنا من رقدات الغافلين وأن يرينا الأشياء كما هي لنعرف عيوب الذنوب والله الموفق‏.‏ 






صيد الخاطر_أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن الجوزي


0 comments: