وتهديد آخر ملفوف:
(ذرهم يأكلوا ويتمتعوا ويلههم الأمل فسوف يعلمون). .
ذرهم فيما هم فيه من حياة حيوانية محضة للأكل والمتاع . لا تأمل فيها ولا تدبر ولا استطلاع . ذرهم في تلك الدوامة:الأمل يلهي والمطامع تغر , والعمر يمضي والفرصة تضيع . ذرهم فلا تشغل نفسك بهؤلاء الهالكين , الذين ضلوا في متاهة الأمل الغرور , يلوح لهم ويشغلهم بالأطماع , ويملي لهم فيحسبون أن أجلهم ممدود , وأنهم محصلون ما يطمعون لا يردهم عنه راد , ولا يمنعهم منه مانع . وأن ليس وراءهم حسيب ; وأنهم ناجون في النهاية بما ينالون مما يطعمون !
وصورة الأمل الملهي صورة إنسانية حية . فالأمل البراق ما يزال يخايل لهذا الإنسان , وهو يجري وراءه , وينشغل به , ويستغرق فيه , حتى يجاوز المنطقة المأمونة ; وحتى يغفل عن الله , وعن القدر , وعن الأجل ; وحتى ينسى أن هنالك واجبا , وأن هنالك محظورا ; بل حتى لينسى أن هنالك إلها , وأن هنالك موتا , وأن هناك نشورا .
وهذا هو الأمل القاتل الذي يؤمر الرسول [ ص ] أن يدعهم له . . (فسوف يعلمون). . حيث لا ينفع العلم بعد فوات الأوان . . وهو أمر فيه تهديد لهم , وفيه كذلك لمسة عنيفةلعلهم يصحون من الأمل الخادع الذي يلهيهم عن المصير المحتوم .
0 comments:
Post a Comment