مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَىٰ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىٰ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ ۗ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ ۖ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ۚ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ
وهكذا يتكشف أن الابتلاء من الله نعمة لا تصيب إلا من يريد له الله به الخير . فإذا أصابت أولياءه , فإنما تصيبهم لخير يريده الله لهم - ولو وقع الابتلاء مترتبا على تصرفات هؤلاء الأولياء - فهناك الحكمة المغيبة والتدبير اللطيف , وفضل الله على أوليائه المؤمنين .
وهكذا تستقر القلوب , وتطمئن النفوس , وتستقر الحقائق الأصيلة البسيطة في التصور الإسلامي الواضح المستقيم .
ولقد شاءت حكمة الله وبره بالمؤمنين , أن يميزهم من المنافقين , الذين اندسوا في الصفوف , تحت تأثير ملابسات شتى , ليست من حب الإسلام في شيء . فابتلاهم الله هذا الابتلاء - في أحد - بسبب من تصرفاتهم وتصوراتهم , ليميز الخبيث من الطيب , عن هذا الطريق:
(ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب . وما كان الله ليطلعكم على الغيب . ولكن الله يجتبي من رسله من يشاء . فآمنوا بالله ورسله . وإن تؤمنوا وتتقوا فلكم أجر عظيم). .
ويقطع النص القرآني بأنه ليس من شأن الله - سبحانه - وليس من مقتضى ألوهيته , وليس من فعل سنته , أن يدع الصف المسلم مختلطا غير مميز ; يتوارى المنافقون فيه وراء دعوى الإيمان , ومظهر الإسلام , بينما قلوبهم خاوية من بشاشة الإيمان , ومن روح الإسلام . فقد أخرج الله الأمة المسلمة لتؤدي دورا كونيا كبيرا , ولتحمل منهجا إلهيا عظيما , ولتنشىء في الأرض واقعا فريدا , ونظاما جديدا . . وهذا الدور الكبير يقتضي التجرد والصفاء والتميز والتماسك , ويقتضي ألا يكون في الصف خلل , ولا في بنائه دخل . . وبتعبير مختصر يقتضي أن تكون طبيعة هذه الأمة من العظمة بحيث تسامي عظمة الدور الذي قدره الله لها في هذه الأرض ; وتسامي المكانة التي أعدها الله لها في الآخرة . .
وكل هذا يقتضي أن يصهر الصف ليخرج منه الخبث . وأن يضغط لتتهاوى اللبنات الضعيفة . وأن تسلط عليه الأضواء لتتكشف الدخائل والضمائر . . ومن ثم كان شأن الله - سبحانه - أن يميز الخبيث من الطيب , ولم يكن شأنه أن يذر المؤمنين على ما كانوا عليه قبل هذه الرجة العظيمة !
كذلك ما كان من شأن الله - سبحانه - أن يطلع البشر على الغيب , الذي استأثر به , فهم ليسوا مهيئين بطبيعتهم التي فطرهم عليها للاطلاع على الغيب , وجهازهم البشري الذي أعطاه الله لهم ليس "مصمما" على أساس استقبال هذا الغيب إلا بمقدار . وهو مصمم هكذا بحكمة . مصمم لأداء وظيفة الخلافة في الأرض . وهي لا تحتاج للاطلاع على الغيب . ولو فتح الجهاز الإنساني على الغيب لتحطم . لأنه ليس معدا لاستقباله إلا بالمقدار الذي يصل روحه بخالقه , ويصل كيانه بكيان هذا الكون . وأبسط ما يقع له حين يعلم مصائره كلها , ألا يحرك يدا ولا رجلا في عمارة الأرض , أو أن يظل قلقا مشغولا بهذه المصائر , بحيث لا تبقى فيه بقية لعمارة الأرض !
من أجل ذلك لم يكن من شأن الله سبحانه , ولا من مقتضى حكمته , ولا من مجرى سنته أن يطلع الناس على الغيب .
إذن كيف يميز الله الخبيث من الطيب ? وكيف يحقق شأنه وسنته في تطهير الصف المسلم , وتجريده من الغبش , وتمحيصه من النفاق , وإعداده للدور الكوني العظيم , الذي أخرج الأمة المسلمة لتنهض به ?
(ولكن الله يجتبي من رسله من يشاء). .
وعن طريق الرسالة , وعن طريق الإيمان بها أو الكفر , وعن طريق جهاد الرسل في تحقيق مقتضى الرسالة , وعن طريق الابتلاء لأصحابهم في طريق الجهاد . . عن طريق هذا كله يتم شأن الله , وتتحقق سنته , ويميز اللهالخبيث من الطيب , ويمحص القلوب , ويطهر النفوس . . ويكون من قدر الله ما يكون . .
وهكذا يرفع الستار عن جانب من حكمة الله , وهي تتحقق في الحياة ; وهكذا تستقر هذه الحقيقة على أرض صلبة مكشوفة منيرة . .
وامام مشهد الحقيقة متجلية بسيطة مريحة , يتجه إلى الذين آمنوا ليحققوا في ذواتهم مدلول الإيمان ومقتضاه , ويلوح لهم بفضل الله العظيم , الذي ينتظر المؤمنين .
(فآمنوا بالله ورسله . وإن تؤمنوا وتتقوا فلكم أجر عظيم). .
فيكون هذا التوجيه وهذا الترغيب , بعد ذلك البيان وذلك الاطمئنان , خير خاتمة لاستعراض الأحداث في "أحد" والتعقيب على هذه الأحداث . .
وهكذا يتكشف أن الابتلاء من الله نعمة لا تصيب إلا من يريد له الله به الخير . فإذا أصابت أولياءه , فإنما تصيبهم لخير يريده الله لهم - ولو وقع الابتلاء مترتبا على تصرفات هؤلاء الأولياء - فهناك الحكمة المغيبة والتدبير اللطيف , وفضل الله على أوليائه المؤمنين .
وهكذا تستقر القلوب , وتطمئن النفوس , وتستقر الحقائق الأصيلة البسيطة في التصور الإسلامي الواضح المستقيم .
ولقد شاءت حكمة الله وبره بالمؤمنين , أن يميزهم من المنافقين , الذين اندسوا في الصفوف , تحت تأثير ملابسات شتى , ليست من حب الإسلام في شيء . فابتلاهم الله هذا الابتلاء - في أحد - بسبب من تصرفاتهم وتصوراتهم , ليميز الخبيث من الطيب , عن هذا الطريق:
(ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب . وما كان الله ليطلعكم على الغيب . ولكن الله يجتبي من رسله من يشاء . فآمنوا بالله ورسله . وإن تؤمنوا وتتقوا فلكم أجر عظيم). .
ويقطع النص القرآني بأنه ليس من شأن الله - سبحانه - وليس من مقتضى ألوهيته , وليس من فعل سنته , أن يدع الصف المسلم مختلطا غير مميز ; يتوارى المنافقون فيه وراء دعوى الإيمان , ومظهر الإسلام , بينما قلوبهم خاوية من بشاشة الإيمان , ومن روح الإسلام . فقد أخرج الله الأمة المسلمة لتؤدي دورا كونيا كبيرا , ولتحمل منهجا إلهيا عظيما , ولتنشىء في الأرض واقعا فريدا , ونظاما جديدا . . وهذا الدور الكبير يقتضي التجرد والصفاء والتميز والتماسك , ويقتضي ألا يكون في الصف خلل , ولا في بنائه دخل . . وبتعبير مختصر يقتضي أن تكون طبيعة هذه الأمة من العظمة بحيث تسامي عظمة الدور الذي قدره الله لها في هذه الأرض ; وتسامي المكانة التي أعدها الله لها في الآخرة . .
وكل هذا يقتضي أن يصهر الصف ليخرج منه الخبث . وأن يضغط لتتهاوى اللبنات الضعيفة . وأن تسلط عليه الأضواء لتتكشف الدخائل والضمائر . . ومن ثم كان شأن الله - سبحانه - أن يميز الخبيث من الطيب , ولم يكن شأنه أن يذر المؤمنين على ما كانوا عليه قبل هذه الرجة العظيمة !
كذلك ما كان من شأن الله - سبحانه - أن يطلع البشر على الغيب , الذي استأثر به , فهم ليسوا مهيئين بطبيعتهم التي فطرهم عليها للاطلاع على الغيب , وجهازهم البشري الذي أعطاه الله لهم ليس "مصمما" على أساس استقبال هذا الغيب إلا بمقدار . وهو مصمم هكذا بحكمة . مصمم لأداء وظيفة الخلافة في الأرض . وهي لا تحتاج للاطلاع على الغيب . ولو فتح الجهاز الإنساني على الغيب لتحطم . لأنه ليس معدا لاستقباله إلا بالمقدار الذي يصل روحه بخالقه , ويصل كيانه بكيان هذا الكون . وأبسط ما يقع له حين يعلم مصائره كلها , ألا يحرك يدا ولا رجلا في عمارة الأرض , أو أن يظل قلقا مشغولا بهذه المصائر , بحيث لا تبقى فيه بقية لعمارة الأرض !
من أجل ذلك لم يكن من شأن الله سبحانه , ولا من مقتضى حكمته , ولا من مجرى سنته أن يطلع الناس على الغيب .
إذن كيف يميز الله الخبيث من الطيب ? وكيف يحقق شأنه وسنته في تطهير الصف المسلم , وتجريده من الغبش , وتمحيصه من النفاق , وإعداده للدور الكوني العظيم , الذي أخرج الأمة المسلمة لتنهض به ?
(ولكن الله يجتبي من رسله من يشاء). .
وعن طريق الرسالة , وعن طريق الإيمان بها أو الكفر , وعن طريق جهاد الرسل في تحقيق مقتضى الرسالة , وعن طريق الابتلاء لأصحابهم في طريق الجهاد . . عن طريق هذا كله يتم شأن الله , وتتحقق سنته , ويميز اللهالخبيث من الطيب , ويمحص القلوب , ويطهر النفوس . . ويكون من قدر الله ما يكون . .
وهكذا يرفع الستار عن جانب من حكمة الله , وهي تتحقق في الحياة ; وهكذا تستقر هذه الحقيقة على أرض صلبة مكشوفة منيرة . .
وامام مشهد الحقيقة متجلية بسيطة مريحة , يتجه إلى الذين آمنوا ليحققوا في ذواتهم مدلول الإيمان ومقتضاه , ويلوح لهم بفضل الله العظيم , الذي ينتظر المؤمنين .
(فآمنوا بالله ورسله . وإن تؤمنوا وتتقوا فلكم أجر عظيم). .
فيكون هذا التوجيه وهذا الترغيب , بعد ذلك البيان وذلك الاطمئنان , خير خاتمة لاستعراض الأحداث في "أحد" والتعقيب على هذه الأحداث . .
0 comments:
Post a Comment