أفلا يتدبرون القرآن

أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها


يَسْتَخْفُونَ
مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لاَ يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطاً


يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله - وهو معهم إذ يبيتون ما لا يرضى من القول . . .

وهي صورة زرية داعية إلى الاحتقار والسخرية . زرية بما فيها من ضعف والتواء , وهم يبيتون ما يبيتون من الكيد والمؤامرة والخيانة ; ويستخفون بها عن الناس . والناس لا يملكون لهم نفعا ولا ضرا . بينما الذي يملك النفع والضر معهم وهم يبيتون ما يبيتون ; مطلع عليهم وهم يخفون نياتهم ويستخفون . وهم يزورون من القول مالا يرضاه ! فأي موقف يدعو إلى الزراية والاستهزاء أكثر من هذا الموقف ?

(وكان الله بما يعملون محيطًا . . .

إجمالا وإطلاقا . . فأين يذهبون بما يبيتون . والله معهم إذ يبيتون . والله بكل شيء محيط وهم تحت عينه وفي قبضته ?

وتستمر الحملة التي يفوح منها الغضب ; على كل من جادل عن الخائنين:

قال ابن رجب : فتقوى الله في السر ، هي علاقة كمال الإيمان ، ولها تأثير عظيم في إلقاء الله لصاحبها الثناء في قلوب المؤمنين .

          قال أبو الدرداء : ليتق أحدكم أن تلعنه قلوب المؤمنين وهو لا  يشعر ، يخلو بمعاصي الله ، فيلقي الله له البغض في قلوب المؤمنين .

          وقال سليمان التميمي : إن الرجل ليصيب الذنب في السر ، فيصبح وعليه مذلته .

          وقال غيره : إن العبد ليذنب الذنب فيما بينه وبين الله ثم يجيء إلى إخوانه فيرون أثر ذلك الذنب عليه .

          وهذا أعظم الأدلة على وجود الإله الحق ، المجازي بذرات الأعمال في الدنيا والآخرة ، ولا يضيع عنده عمل عامل ، ولا ينفع من قدرته حجاب ولا استتار .

          فالسعيد من أصلح ما بينه وبين الله ، فإنه من أصلح ما بينه وبين الله ، أصلح الله ما بينه وبين الخلق ، ومن التمس محامد الناس بسخط الله عاد حامده من الناس ذاما ً له .

          ومن أعجب ما روى في هذا ، ماروي عن أبي جعفر السائح قال : كان حبيب أبو محمد تاجرا ً يكري الدراهم ، فمر ذات يوم بصبيان ، فإذا هم يلعبون ، فقال بعضهم لبعض : قد جاء آكل الربا . فنكس رأسه ، وقال : يارب ، أفشيت سري إلى الصبيان . فرجع فجمع ماله كله ، وقال : يارب ، إني أسير ، وإني قد أشتريت نفسي منك بهذا المال فأعطتقني ، فلما أصبح تصدق بالمال كله ، وأخذ في العبادة ، ثم مر ذات يوم بأولئك الصبيان ، فلما رأوه قال بعضهم لبعض : اسكتوا ، فقد جاء حبيب العابد . فبكى ، وقال : يارب ، أنت تذم مرة وتحمد مرة ، وكله من عندك .

          قال سفيان الثوري : إن اتقيت الله كفاك الناس ، وإن اتقيت الناس لن يغنوا عنك من الله شيئا ً . وودع ابن عون رجلا ً فقال : عليك بتقوى الله ، فإن المتقي ليست عليه وحشة .

          قال زيد بن أسلم : كان يقال : من اتقى الله أحبه الناس وإن كرهوا .

          نسأل الله عز وجل أن يرزقنا خشيته في الغيب والشهادة ، وفي السر والعلانية

0 comments: