أفلا يتدبرون القرآن

أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها

 وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُوا بِهَا وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ (36) أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ

وهي كذلك صورة للنفس التي لا ترتبط بخط ثابت تقيس إليه أمرها في جميع الأحوال ; وميزان دقيق لا يضطرب مع التقلبات . والناس هنا مقصود بهم أولئك الذين لا يرتبطون بذلك الخط ولا يزنون بهذا الميزان . فهم يفرحون بالرحمة فرح البطر الذي ينسيهم مصدرها وحكمتها , فيطيرون بها , ويستغرقون فيها , ولا يشكرون المنعم , ولا يستيقظون إلى ما في النعمة من امتحان واتبلاء . حتى إذا شاءت إرادة الله أن تأخذهم بعملهم فتذيقهم حالة(سيئة)عموا كذلك عن حكمة الله في الابتلاء بالشدة , وفقدوا كل رجاء في أن يكشف الله عنه الغمة ; وقنطوا من رحمته ويئسوا من فرجه . . وذلك شأن القلوب المنقطعة عن الله , التي لا تدرك سننه ولا تعرف حكمته . أولئك الذين لا يعلمون . يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا !

ويعقب على هذه الصورة بسؤال استنكاري يعجب فيه من أمرهم , وقصر نظرهم وعمى بصيرتهم . فالأمر في السراء والضراء يتبع قانونا ثابتا , ويرجع إلى مشيئة الله سبحانه , فهو الذي ينعم بالرحمة , ويبتلي بالشدة ; ويبسط الرزق ويضيقه وفق سنته , وبمقتضى حكمته . وهذا ما يقع كل آن , ولكنهم هم لا يبصرون:

(أو لم يروا أن الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر ?). .

فلا داعي للفرح والبطر عند البسط , ولا لليأس والقنوط عند القبض ; فإنما هي أحوال تتعاور الناس وفق حكمة الله , وفيها للقلب المؤمن دلالة على أن مرد الأمر كله لله , ودلالة على اطراد السنة , وثبات النظام , رغم تقلب الأحوال

0 comments: